Monday, December 8, 2014

دراسة عالمية: السودان ثاني أسوأ دولة في أفريقيا في حرية الانترنت


تصدرُ في هذا الأسبوع الدّراسة العالمية لـ "حرية الإنترنت لعام ٢٠١٤م"، والذي تُفرد للسنة الثانية على التوالي فصلاً كاملاً عن السودان.  
وكانت مجموعة "قرفنا" قد قامت بكتابة الجزء المُتعلق بالسودان في تقرير "حرية الإنترنت" في العام الماضي، إلا أن تقرير هذا العام كُتب باسم مجهول للدلالة على استمرار القيود المفروضة على الحريات في السودان.
ويغطي تقرير "حرية الإنترنت لعام ٢٠١٤م" ، الصادر في ٤ ديسمبر ٢٠١٤م خمسة وستين دولة في ست مناطق جغرافية. ويغطي التقرير الفترة ما بين مايو ٢٠١٣م إلى مايو ٢٠١٤م. وتقرير "حرية الانترنت لعام ٢٠١٤م" هو الإصدار الخامس ضمن سلسلة تقارير بدأت منظمة "فريدوم هاوس"  باصدارها في العام ٢٠٠٩م. ويُعد تقرير "حرية الانترنت" كـ "أحد المراجع المهمة لصانعي السياسات، والصحفيين، والناشطين في هذا المجال الذي تتزايد أهميته و المتعلق بحقوق الانسان".
ويُصنّف التقريرالعالمي لعام ٢٠١٤ وضع حرية الإنترنت في السودان بـأنه "غير حر"، حيث حصل السودان على ٦٥ نقطة من أصل ١٠٠، مقارنة بـ ٦٣ نقطة في العام ٢٠١٣م.  ومن ضمن ١٢ دولة افريقية، يُصّنف السودان ضمن ثلاثة دول أخرى في فئة "غير حرة" ، ويحتل السودان المرتبة ١١ متقدماً فقط على اثيوبيا.  
وسيكون الفصل المتعلق بالسودان لهذا العام مثيراً للإهتمام ومثيراً للقلق على حدٍ سواء حيث يُغطي التقرير فترة الاحتجاجات الدّامية في سبتمبر ٢٠١٣م حيث قُتل ٢٠٠ شخص على الأقل، والفترة التي تلتها، والحملة الشرسىة ضد الحريات الصحفية وحرية التعبير.
كما شهد السودان أيضا قطع خدمة الإنترنت، والتي وصفته شركة استخبارات الانترنت العالمية  Renesys بأنه "أكبر تعتيم للإنترنت تقوم به حكومة منذ ما حدث في مصر في يناير ٢٠١١م."   وكانت الحكومة السودانية قد نفت علاقتها بحادثة قطع الإنترنت. وعزّت "الهيئة القومية للاتصالات"، وهي وكالة حكومية، انقطاع خدمة الإنترنت إلى حريق شبَّ في مكاتب شركة "كنار"، إلا أن الكثيرين يعتقدون أن "الهيئة القومية للاتصالات" دبّرت الانقطاع كجزء من ردة فعل الحكومة السودانية لقمع الاحتجاجات. وتتفق شركة Renesys مع هذا الرأي، حيث قالت أنّ حادثة قطع خدمة الإنترنت في السودان "تشير بقوة إلى عمل منّسق لأخفاء السودان من الإنترنت."
انتقال الإعلام لساحة الإنترنت للتحايل على الرقابة
وتقوم "الهيئة القومية للاتصالات"، وبحسب السلطة المّخولة لها، بحجب أي مواقع ترى بأن محتواها "غير أخلاقي" ويحوي "هرطقة"، كما تقوم بانتظام بحجب الصحف الرّقمية او مواقع الإنترنت التي تنشر تقارير معارضة للحكومة مثل موقع صحيفة "حريات"، وموقع "الراكوبة" الإخباري، ومنتدى سودانيس أون لاين Sudanese-Online، وغيرها من المواقع. وتم حجم موقع يوتيوب في آواخر عام ٢٠١٢م احتجاجاً على عرض الموقع  لفيلم "The Innocence of Muslims".
إلا أن هذا الهجوم على حرية التعبير لم يمنع ظهور الصحف الرّقمية خلال عامي ٢٠١٣م و ٢٠١٤م، حيث ظهرت صحيفتي "التغيير" و"الطريق"، وأسستا حضوراً قويا على الانترنت. إنّ تحول الصُحف من النسخة الورقية إلى النسخة الرقمية ليس مرّدة مواكبة النسق العالمي للتحول للصحافة الرّقمية، بل هي في الحقيقة محاولة للتحايل على الرقابة التي تفرضها الحكومة على الصحافة المطبوعة في السودان.

إلا أنه على الرغم من ذلك، يعاني المدّونون و الصحفييون الرّقميون من مُتلازمة الكتابة على الإنترنت "حرية التعبير عن الرأي، وانعدام الحرية بعد التعبير عن الرأي" ، حيث يتعرضون للمُلاحقة والإعتقال والترهيب نتيجة لنشرهم لمقالاتهم الرّقمية ولنشاطهم السياسي على الإنترنت.
في يونيو ٢٠١٣م ، أعتقل "جهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني"  الصحفي خالد أحمد، مدير تحرير صحيفة "السوداني"، لأن هناك مقال نشر على الإنترنت يحمل اسمه الأول. وحوّت المقالة معلومات حساسة حول العملية العسكرية في بلدة "أبو كرشوالا" في جنوب كردفان في الوقت الذي كان فيه الجيش يحاول استعادة السيطرة عليها من يد الحركة الشعبية لتحرير السودان (الحركة الشعبية).  وكان أحمد ضمن عددٍ مجموعة محدودة من الصحفيين الذين زاروا "أبو كرشوالا"، إلا أنه  نفى كتابته للمقال، وصرّح بأنّ بريده الإلكتروني تعرّض للاختراق.
وحتى مارس ٢٠١٤م، ظل أحمد خالد قيد المحاكمة أمام محكمة حقوق الملكية الفكرية ، تحت طائلة قانون جرائم المُعلوماتية وقانون العقوبات. وبالإضافة إلى ذلك، في يوليو ٢٠١٣م،  تم اعتقال ثلاثة شبان في بلدة شمال كُردفان تعليقهم في الفيسبوك حول اتهامات بالفساد ضد حكومة شمال كُردفان ، ووجهت إليهم تهمة التشهير. ويعتقد المحلّلون بأن هذه القضايا  تُعد سابقة من نوعها، وتؤسس لسن قانون جديد من شأنه فرض رقابةٍ أكثر صرامة على وسائل الاعلام و الإنترنت، وشبكات التواصل الاجتماعي.
كما عانت الصحف على الانترنت ووسائل الإعلام أيضا من عُنفٍ  تقني من جهات موالية للحكومة، منها هجمات القرصنة في شهر في أبريل ٢٠١٤م على موقعي صحيفة سودان تريبيون Sudan Tribune  وموقع "عاين " "3ayin" .
وقع احداث سبتمبر ٢٠١٣م
وعلاوة على كل ما تقدم، تجلّت آثار احتجاجات شهر سبتمبر ٢٠١٣م خلال العام، كما هددّ مسؤولون حكوميون بفرض قانون على الاعلام الرقمي. فعلى سبيل المثال، صرّح وزير الإعلام للحزب الحاكم،  ياسر يوسف إبراهيم، في مقابلة أجراها في يوليو ٢٠١٣م، بأن هناك حاجة إلى سنّ قانونٍ للإعلام الالكتروني " يمنح السلطات الحق في حجب المواقع التي تنتهك القيود المتفق عليها". وخلال الفترة ما بين يوليو ٢٠١٣م ويونيو عام ٢٠١٤م، قامت حكومة السودان بتقديم طلبات لشركة "فيسبوك" للإفصاح عن المعلومات الشخصية لخمسة حسابات مستخدمين لديها، وهي طلبات لم تردْ من الحكومة من قبل. وعلى أية حال لم تستجب إدارة "فيسبوك" لأي من هذه الطلبات.
وبالإضافة إلى ذلك، بدأت جميع شركات الاتصالات حملة صارمة لفرض تسجيل شرائح الهاتف النقّال حيث تم الإعلان عنها في التلفزيونات والصحف واللوحات الإعلانية في الشوارع، وتم توفيرخدمة تسجيل الشرائح عبر مراكز الخدمات المتنقلة في الأماكن العامة، وتنظيم المسابقات واليانصيب للفوز بجوائز قيمة من المبالغ النقدية والذهب، أو السيارات لأولئك الذين يقومون بالتسجيل. ويتطلب تسجيل شريحة الهاتف النقال هوية شخصية وطنية وعنوان منزل المستخدم، وهو الأمر الذي يعده النشطاء وسيلة من قبل الأجهزة الأمنية لتعقب أرقام هواتف المُستخدمين.
واستمرت مراقبة الاتصالات الرقمية وشبكات وسائط التواصل الاجتماعي، فضلاً عن التنصت على المكالمات الهاتفية، ومواصلة استهداف المجتمع المدني وأعضاء المعارضة السياسية؛ لا سيما في أوقات الاضطرابات أو أثناء الاحتجاجات.
العراقيل الناتجة عن العقوبات الأمريكية على السودان
 
وأشار التقرير أيضا إلى أن العقوبات التي تفرضها أمريكا على السودان تظل بمثابة حاجز أمام حرية الوصول إلى المعلومات والمعرفة. وتشمل هذه القيود حظر البرنامج الأصلية أمريكية الصنع، وبرامج مكافحة الفيروسات،  والتحديثات الأمنية. وقد أعاق النظام العقوبات الأميركية أيضا الإمكانات التعليمية في السودان، حيث لا يتمتع المُستخدمون داخل السودان من خدمات المواقع التعليمية المجانية على شبكة الإنترنت مثل Khan Academy، والباحث العلمي لموقعGoogle، بالإضافة إلى عدد ضخم من الدورات التعليمية على الانترنت MOOCs. وأشار التقرير إلى أن هذا يشكل انتهاكاً لحق الجميع في التعليم. كما شملت الحواجز العقبات الأخرى التي تعيق الوصول إلى الإنترنت عدم تمكن المقيمين في السودان  من الاستفادة او الوصول إلى مواقع تصميم خرائط الأزمات crisismapping، أو المواقع الأمريكية لحشد التمويل الجماعي على الإنترنت.   
بالإضافة إلى ذلك، تم رصد برمجيات مراقبة وفلترة تابعة للشركة الأمريكية "بلو كوت سيستم" Blue Coat Systems في ثلاث شبكات داخل السودان، مما دفع واضعي التقرير إلى القول "وما توضحه هذه التسريبات هي أن العقوبات الامريكية ضد السودان لم تعرقل على النحو المنشود الحكومة السودانية من الوصول إلى أو شراء برامج مراقبة أمريكية الصنع. بل على العكس، تعرقل العقوبات الأمريكية في كثير من الأحيان - عن غير قصد - وصول المُستخدمين العاديين لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات ..."
 منهجّية الدراسة:
يصنّف  تقرير"حرية الإنترنت لعام ٢٠١٤م" الدول عن طريق بناءً على  تواجد عوامل "بيئة مواتية"  لحرية الإنترنت من خلال الإجابة على 21 سؤالاً منهجياً تسمح بالمقارنة بين الدّول، بالإضافة إلى إمكانية  تحليل الأنماط الناشئة على المستوى الإقليمي او العالمي.  تتراوح النقاط ما بين (0) وهي تعني أفضل حالة لحرية الإنترنت،  و(100) هي أسوء وضع لحرية الإنترنت، ويتم حساب هذه النقاط عبر قياس ثلاثة فئات:
  • العقبات التي تُعيق الوصول إلى الإنترنت: وتتضمن تقيم البنية التحتية، والحواجز الاقتصادية، والبيئة التنظيمية، والمحاولات التي تقوم بها الدولة لمنع الوصول إلى تكنولوجيات أو تطبيقات محددة؛
  • القيود المفروضة على المحتوى:  مثل فلترة وحجب المواقع، فرض الرقابة أو الرقابة الذاتية، وتنوع المصادر الاخبارية على الانترنت ومستوى النشاط الرقمي لأغراض اجتماعية وسياسية؛ و
  • انتهاكات حقوق المستخدم: يشمل ذلك أي نوع من الاضطهاد والمضايقات الناجمة عن النشاط على الإنترنت، وفرض القيود على الخصوصية والمراقبة التي تنتهك الخصوصية.
وبحسب النقاط المحسوبة في الفئات المذكورة أعلاه ، يقيّم تقرير "حرية الإنترنت" الدول كـ (حرّة) حيت حصولها على نقاط ما بين (0) إلى (30)؛ وكـ (حرّة جزئياً) إن حصلت على ما بين (31) إلى (60) نقطة؛  و (غير حرّة) إن حصلت الدولة على نقاط تتراوح ما بين (61) إلى (100).  وفي معرض توضيح منهجية دراسة "حرية الإنترنت لعام، تضيف منظمة "فريدوم هاوس" ما يلي:
إن هذه الدراسة ليس الغرض منها تصنيف الحكومات أو الأداء الحكومي في حد ذاته، بل هو تقيمٌ لوضع الحريات في العالم  وحقوق والحريات التي يتمتع بها الأفراد داخل كل بلد. وتتأثر حرية وسائل الإعلام الرقمية في المقام الأول بقرارات الدولة ، إلا أننا نأخذ في عين الاعتبار الضغوط والهجمات التي تشنها الجهات غير الحكومية، بما في ذلك الجريمة السرية المنظمة.  . ولذلك فإن هذا التقييم مؤشر يعكس بشكل عام التفاعل بين مجموعات متنوعة من الجهات ذات الصلة، سواء الحكومية أوغير الحكومية، بما في ذلك الشركات الخاصة.

قرفنا" تكمل الخامسة"


في 30 اكتوبر 2014، اكملت "قرفنا" الخمس سنوات. قبل خمس اعوام اقدم ثلاث شبان جيران في ودنوباوي، امدرمان على تكوين منظمة سياسية لمقاومة انتخابات 2010.
لم يكونوا متأكدين من اسم المنظمة او آليات عملها، لكن احدهم جاء بالاسم.....قرفنا. كانوا يريدون اسما قصيراً وملفتاً، اسم يمكن تذكره بسهولة. تم اختيار اللون البرتقالي عشوائياً، عندما لفت نظرهم عندما كانوا يختارون ورقاً ملوناً في احد دكاكين بيع الاوراق.
ولدت قرفنا وهم يحتسون الشاي في منازلهم ويناقشون محتوى المنشور الذي سوف يأخذ طريقه إلى المطبعة. وفي الحقيقة تم اصدار اول منشور في ليلة ولادة الحركة. ومع تواصل نقاشاتهم حول مايريدون فعله، لم يكونوا يتوقعون ان تنمو الحركة وتحوي متطوعين من كل السودان، و من السودانيين خارج ارض الوطن..... لم يكونوا يعلمون التحديات التي سوف يواجهونها.
الانتخابات السودانية الاولى من نوعها في 21 عاماً، كانت عام 2010. كان السودان في مفترق طرق كما صرحت كافة القنوات العالمية، واستحقاقاً قبل انتهاء اتفاقية السلام الشامل. عادت كل الاحزاب، والقادة المعارضين للوطن، كما عاد إلى دائرة الضوء او الى العمل "الغير سري" الذين يعيشون ويعملون تحت الارض.
كانت الانتخابات سوف تسير بالتأكيد لتكون معيبة، وقع حزب المؤتمر الوطني اتفاق السلام الشامل ولكن لن يتخلى عن السلطة إلى أي طرف سياسي آخر. ومع ذلك، لم تكن هذه هي المشكلة الوحيدة ، كان الذين يركضون للانتخابات مشكلة أخرى. كانت وجوههم مألوفة جداً فقد شاركوا في اللعبة السياسية السودانية من الخمسينات أو على الأقل في الثمانينات. للشباب، كانت الانتخابات تقريبا نكتة، وكثير من سكان السودان هم الشباب ولم يروا أي انتخابات تجري في السودان من قبل، ولكن بالنظر إلى الناس الذين يركضون لتمثيل السودان، كانت الوجوه لا علاقة لها بالشباب.
بحلول شهر أكتوبر، والانتخابات قادمة كانت المعارضة بين الحملات الانتخابية للترويج لمرشحيها "القديمة ولكن الذهبية" اومقاطعة الانتخابات، لأن حزب المؤتمر الوطني لم يكن نزيهاً ومتجهاً لتزوير الانتخابات، ولم يقدم لهم المتفق عليها للضغط والفضاء الحملة.
ولدت قرفنا من الإحباط من الحكومة والمعارضة، استناداً إلى حقيقة أن الشباب كانوا "سئموا" من الحكومة والمعارضة، ولكن أيضا لخلق الأمل، وهو العنصر الذي كان في عداد المفقودين من السودان لسنوات.
بعد أيام فقط، تطرقت لها صحيفة الشرق الأوسط في احد المقالات.... ومنذ ذلك الحين، أصبحت أحد الأصوات الرئيسية المعارضة في الانتخابات. وجاءت التبرعات يوما بعد يوم، من المواطنين العاديين الذين احبوا فكرة إبداعية جديدة، من الحركات والنشطاء السياسيين الذين رأوا في قرفنا ما تفتقر إليه أحزابهم، العمل الميداني الكثيف والنشاط في تنظيم واحد.
في ايام الذروة, وزعت الحركة 120,000 نشرة يومياً، واخذت طريقها على حافلات لمدني وبورتسودان وعبر طرق غير معروفة لمخيمات النازحين في دارفور ومعسكرات اللاجئين السودانيين في تشاد. ما ميز قرفنا من الحركات السياسية الأخرى في السودان العديد من جوانب وجودها ..
أولاً، ولد مؤسسوها وأعضائها الأوائل في الثمانينات والتسعينات، وشبوا خلال حكم حزب المؤتمر الوطني، رأوا السودان في أسوأ شكل كان عليه من أي وقت مضى، وتلقوا من المشروع الحضاري منهجه التعليمي مع غسل الدماغ. وعندما كانوا صغارا كانت "المعارضة الرسمية" في الدول المجاورة والخارج لبناء التحالفات المعارضة واحدا تلو الآخر، وعاجزة عن اخراج السودان لعقود طويلة من الجمود السياسي.
ثانياً، رأوا فجوة كبيرة بين الأحزاب السياسية التقليدية ودوائرهم. سوقت قرفنا على هذا من خلال تمثيل نفسها على أنها حركة الشارع. جندت الحركة عشرات المتطوعين لتوزيع منشورات في الأسواق ومحطات الحافلات، والجامعات وجميع المواقع المكتظة بالسكان. لم يمض وقت طويل بعد أن بدأت، بدأ متطوع يبلغ من العمر 17 عاماً وناشط اكبر سناً، في دفع الحركة لتنظيم مخاطبات عامة. بعدها، سوف تنظم الحركة مخاطبات علنية في الأسواق ومحطات الحافلات. كان للمخاطبات صدى مدوياً في الخرطوم، وخلقت ضجة حول الحركة على مستوى الحي وكذلك على الإنترنت عندما تم نشر الفيديو.
ثالثاً، الحركة التي اسسها الشباب، اعادت السلطة مرة أخرى إلى الشباب، وهو القطاع الذي يمثل غالبية السكان في البلاد ولكن عادة ما يتم تهميشهم داخل المؤسسات السياسية والمؤسسات الأخرى.
نمت قرفنا بسرعة كبيرة قبل عيد ميلادها الأول، وانتشرت في جميع أنحاء السودان، أنشات موقعاً على شبكة الانترنت، وجود مكثف على وسائل التواصل الاجتماعية، وأصبحت معروفة للجمهور والمجتمع الدولي.
مع التمدد جاءت المشاكل. بدأت الحركة تعاني من ضربة تلو الأخرى، كحركة رئيسية فعالة مناهضة لحزب المؤتمر الوطني خلال الانتخابات، ألقي القبض على أعضائها وارهبوا. في فترة مع كل منشور، سوف يتم اعتقال متطوع.
أخذت الحملات الأمنية تثقل كاهل الحركة، فجهاز الأمن الوطني وبموارده الجيدة ومجهزاً بقسم كامل للتعامل مع ما يسمى "حركة الشباب". ومع ذلك، كان السبب الرئيسي بنية الحركة التي استمرت لتفشل مراراً وتكراراً.
فعلت الحركة الكثير من العمل وغيرت وجه النشاط في السودان، فعلت ما لم تتمكن أي مؤسسة سياسية من القيام به في السودان على مر السنين. جعلت الشباب مهتمين بالقضية الوطنية، ومهتمين بالسودان ومستقبله.
جعلت النشاط السياسي جذابا او =="cool".
من بدايتها، أنتجت قرفنا فيديو ساخراً سوف يستمر كمصدر إلهام للحركة لسنوات. كما وزعت الأساور البلاستيكية البرتقالية التي كانت جذابة، وخلقت العلامة التجارية للحركة، وبدأت حركة الأحداث البرتقالية حيث يتجمع الشباب في شارع النيل يرتدون ملابس برتقالية اللون، وهو اللون الذي تم وصفه بأنه لون المقاومة.
كان لقرفنا دور كبير في النشاط الإعلامي الاجتماعي، وتأسيس الثقافة الفرعية التي ولدت في فترة ما بعد 30 يناير2011، من دعوات لمحاكمة النشطاء المعتقلين في الحملات السياسية، وتسجيل الفيديوهات مع عائلات المعتقلين ومع المعتقلين بعد الإفراج عنهم.
على صعيد آخر، لم تكن الحركة قادرة على الحفاظ على نفسها. جعل الهيكل اللامركزي وعملها كحركة مقرها الشارع، من المستحيل تأمين نفسها أو أعضائها وسط حملات أمنية مختلفة. في النهاية، اسست الحركة لتكون هناك، في الشوارع مع الجمهور، وهذا جعل أعضائها واضحين جداً ومعرضين للاعتقالات.
منذ البداية، لم تكن للحركة قيادة، والتي جعلت جميع الأعضاء على قدم المساواة والمشاركة على قدم المساواة في إجراءات العمل. نمت الحركة من خلال عملها، ولكن بقي أساسها ضعيفاً، غير موجوداً تقريبا.
رأت الحركة في نظام اللامركزية أنها من شأنها أن تبقي على العمل مقسماً بين خلاياه المختلفة وسيضمن امان أعضاء، ولكن كان للنظام عيوب. جعلت عدداً كبيراً من الأعضاء يواجهون خطر الاعتقال دون الأخذ بعين الاعتبار استعدادهم للقيام بذلك. كان العديد من أعضاء الحركة يفتقرون إلى الخبرة السياسية السابقة، وكانت قرفنا أول تجربة لهم، وهذا يعني أنها تفتقر إلى البرامج التدريبية السياسية التي تقدمها الحركات السياسية الرسمية للتامين والتعامل مع جهاز الأمن الوطني.
وعلاوة على ذلك، لم تستطع الحركة أن تفلت من نفس الأحزاب السياسية التقليدية التي تمردت عليها. منذ البداية، استهدفت قرفنا بشكل كبير من قبل الحكومة من خلال جهاز الأمن الوطني لأنه رأى فيها تهديدا وحركة قد تثير احتجاجات واسعة النطاق ضده، بل أكثر من ذلك من قبل المعارضة، التي تسعى للسيطرة على الحركة من خلال عدة طرق.
أولاً، رأت المعارضة في حركة قرفنا تهديداً وفرصة، تهديدا لأنها استطاعت استقطاب أعضاء من شبابهم الذين ضاقوا ذرعاً ببيروقراطية الأحزاب التقليدية وفرصة لأنها كانت حركة ناشطة ذات وجود حقيقي  في الشارع. وعلاوة على ذلك اعتقد كل طرف التمكن من تبني قرفنا من خلال دعمها لوجستياً وتشجيع أعضاء شبابهم لمواصلة التواجد في الجسم.
أخيراً، مع كل هذا الضغط المستمر واستنفاذ الكثير من طاقة الأعضاء في ابعاد قرفنا من أن يتم التحكم بها من قبل مؤسسة سياسية وجعلها تستمر مستقلة، بدأ الهيكل الضعيف للحركة ينكشف.
قرفنا مثل جميع الحركات الاجتماعية والسياسية المعاصرة في السودان، وقعت ضحية لكثير من أمراض المؤسسات السياسية التقليدية. وأبرزها، الاتهامات بأن بعض الناس حول الحركة هم عملاء لجهاز الامن، أو وكلاء لهيئات أخرى، استبعاد بعض الأعضاء في محاولة للحفاظ على حركة أكثر أمنا. هذا المرض المعين أثر على حركة من نمط "فصيلة الأسرة" واستمر لاضعافه.
مع كل تحدياتها، ستظل قرفنا واحدة من أقوى الحركات السياسية في التاريخ المعاصر من السودان ويومًاً ما سوف يكتب تاريخها مع كل عيوبها وانتصاراتها.
عيد ميلاد سعيد قرفنا، وارجو ان تعمر بصحة.
 http://www.altaghyeer.info/ar/2013/youth_change/5852/